مجالس صقور العرب
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى لمجالس، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة مجالس الذي ترغب أدناه.
مجالس صقور العرب
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى لمجالس، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة مجالس الذي ترغب أدناه.
مجالس صقور العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اهلا وسهلا بكم في مجالس صقور العرب
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
منع السرقة

 

  إمارة بحر الغزال

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صقر العرب
المدير العام
المدير العام



الجنس : ذكر عدد المساهمات : 56
نقاط : 6328
تاريخ التسجيل : 04/08/2010
العمر : 35
االمهنه : طالب

 إمارة بحر الغزال Empty
مُساهمةموضوع: إمارة بحر الغزال    إمارة بحر الغزال I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 27, 2010 6:33 am


12- إمارة بحر الغزال:
بحر الغزال منطقة شاسعة في جنوب غرب جمهورية السودان، و تتكون الآن من أربع
ولايات جنوبية، و أطلق الاسم على نهر "بحر الغزال" الذي يشق المنطقة و
يشكل أحد روافد نهر النيل الأبيض، و تسكنها قبائل الفرتيت و الدينكا و هم
الأغلب، و لم تكن المنطقة تحت حكم مركزي إلى أن وصلها في العام 1856م أحد
أفراد قبيلة الجعليين من فرع الجميعاب ذرية الأمير جموع بن الأمير غانم
الجعلي، و اسمه الزبير بن رحمة بن منصور بن علي بن محمد بن سليمان بن ناعم
بن سليمان بن أبو بكر بن عوض بن شاهين بن جميع بن منصور بن الأمير جموع بن
الأمير غانم بن الأمير حميدان بن الأمير صبح بن الأمير مسمار بن الأمير
سرار بن السلطان حسن كردم بن الأمير أبو الديس بن الأمير قضاعة بن الأمير
عبد الله بن الأمير مسروق بن الأمير أحمد بن الأمير إبراهيم جعل –جد قبائل
الجعليين-، و ولد سنة 1831م بجزيرة واوسي بالقرب من الجيلي شمال الخرطوم، و
هذا ما جاء –بتصرف- في كتاب فيض الملك الوهاب المتعالي بأنباء أوائل القرن
الثالث عشر والتوالي لعبد الستار بن عبد الوهاب الدهلوي، في ترجمة الزبير
بن رحمة:

الأمير الخطير العظيم الشهير، زبير باشا.
قد سئل عن ترجمته فكتب عن نفسه:...
و نشأت في حجر والدي إلى أن بلغت السابعة من العمر فأدخلني مكتب الخرطوم،
فعلمت القراءة والكتابة وحفظت القرآن على رواية أبي عمرو البصري، وتفقهت
على مذهب مالك، ولما بلغت الخامسة والعشرين سنة تزوجت بابنة عم لي، واشتغلت
بالتجارة للتعيش بها، وبعد ذلك بسنتين دخلت مع ابن عمي محمد عبد القادر في
خدمة علي أبو عموري، من أهالي نجع حمادي بصعيد مصر، ومن التجار الكبار
الذين كانوا يتاجرون في بحر الغزال، وسافر معه خلسة، فلما بلغني خبر سفره
لحقتني الشفقة عليه؛ لأن بلاد الغزال كثيرة الأخطار، بعيدة الشقة، فلحقته
بقصد إرجاعه، فأدركته في حلة "شلعي" على النيل الأبيض -مسيرة يوم من
الخرطوم-، وأخذت أثبط عزمه عن السفر، فأقسم أن لا يعود إلى أن يتم سفرته،
فشقّ عليَّ ذلك، وأقسمت له بالطلاق أنه إذا لم يرجع عن عزمه سافرت معه، وقد
عظمت القسم ظناً في أنه لا يرضى بسفري معه فيرجع مضطراً، ولكنه لم يزل
مصراً على السفر، فسافرت معه وبرّاً بالقسم، ودخلت معه في خدمة أبي عموري،
فسرنا في 14 محرم سنة 1272 قاصدين بحر الغزال وأنا أستعيذ بالله من ذلك
السفر الذي لم أتوقع منه إلا الشر والأخطار، ولكنه جاء بأعز ما كنت أتمنى،
بل كان سبب نجاحي وشهرتي ورفع منزلتي إلى مقام لم ينله أحد في السودان قبلي
وهيهات أن يناله أحد في السودان بعدي، وكنت عند دخولي في خدمة العموري في
حالة من العدم، ثم سرنا حتى وصلنا إلى بطائح بحر الغزال.
ثم اتفق بعدئذ أن أهالي البلاد تآمروا علينا فاضطررنا إلى أن نعمد إلى
السلاح الذي كان بيدنا من علي العموري دفاعاً عن أرواحنا، فانقسم رجالنا
فرقتين، كل فرقة مؤلفة من مائة رجل، ولكن الأعداء هجموا علينا جماً غفيراً
كالذباب الهائم على الجيفة، وكان بين الأعداء شخص كبير الهامة أشبه بالفيل،
فوجهت إليه ضربة أصابته بين عينيه، فخرّ بساعته صريعاً فأجهزت عليه، ثم
تناولت بندقية كانت بجانبه ودافعت عن نفسي ومن معي دفاعاً باسلاً، فهزمناهم
شرّ هزيمة، وكان عدد الذين أذقتهم الحمى من يدي لا ينقص عن أحد عشر، ثم
توجهت لمعونة الفرقة الثانية من رجالنا فقتلت أربعة من مهاجمينا، فتشتت شمل
الباقين، ثم أقمنا زريبة، وبتنا ليلة فيها، وعندئذ تغيرت معاملة العموري
لي، فأتى لي من طعامه وشرابه مع أشهى المأكولات الفاخرة.

انتهى نقلاً عن كتاب الفيض للدهلوي بتصرف.

و تزوج أيضاً ابنة ملك بلاد النمانم، و كان موقعه في بلاط الملك أشبه
بمنزلة سيدنا يوسف لدى فرعون، و ظل يتمتع بحظوة كبيرة خصوصاً بعد بلائه
الحسن في حروبه ضد جاره. و بعد سلسلة من الحروب التي انتصر فيها الزبير،
دان له الإقليم بأكمله حتى نهر "بحر العرب" و نشر عليهم سلطانه، و اتخذ من
"ديم الزبير" عاصمة له.
و كانت شخصية الزبير باشا ذات جدل واسع، و وصمه الكثير بالنخاسة، و الاتجار
بالبشر، و هنا أذكر بعضاً مما جاء في سلسلة مقالات الصحفية البريطانية
فلورا شو و التي أجرت مقابلات معه من منفاه بجبل طارق سنة 1887م:

كانت الجهات التي ذكرها في آخر حديثه الذي سبق، هي مراكز الرقيق الكبرى، و
عند تلك النقطة من الحديث، أفضى الزبير إليّ للمرة الأولى، بالتحدث حول
موضوع كان بطبيعة الحال حاضراً دائماً في ذهني، و شاغلاً لأفكاري حين قال:
"يتحدث الناس عني بأني كنت تاجر رقيق، و هذه فرية أبعد ما تكون عن الحقيقة،
و قول ليس بصحيح أبداً، لأني لم أقم إطلاقاً ببيع أي عبد واحد من الرقيق.
إن الذين يقولون ذلك لا يفهمون حقيقة ماذا كان موقفي". و هنا، و في تلك
اللحظة بالذات، حدث ما أعاق الاسترسال في الحديث بيننا، و عندما التقينا في
مقابلتي التالية، واصل الزبير ليتابع بالتسلسل، سياق حديثه الذي لم أقطعه.

و قال لي الزبير: "في البلاد التي أتحدث لك عنها، و بين الأقوام الذين
وصفتهم لك، لا يستطيع رجل واحد بمفرده أن يفعل إلا القليل. و لكن ما يستطيع
أن يعمله بالفعل، هو أن يفتح الباب للمدنية لتدخل. و ستقوم المدنية بعد
ذلك بعمل ما تبقى".
كان الزبير يؤمن كتاجر مستنير، بالتجارة كوسيط للتمدين، و كما كان يعتقد،
بأنه حيثما تدفقت التجارة بحرية و دون تعويق، فإن الأمن و النظام و
المعرفة، و كل هبات و بركات أي مجتمع منظم، سوف تأتي و تتقاطر تبعاً لها لا
محالة، و كان حديثه هذا و بكل توكيد حديث الواثق المطمئن المحترم لنفسه،
المتواضع الحيي، و هو به قانع و راض، "كإنجاز عظيم لحياة لم تكن كلها
مضيَّعة هباء" على حد قوله. و يعني بذلك فتحه لقنوات جديدة لتجارة العالم
المتمدن. و قال لي: "سترين و أنا أحدثك عن تاريخي أن كل حرب عظيمة خضتها
كانت من أجل هذه الغاية، و كان ذلك هو الشرط الرئيسي في كل معاهدة عقدتها
مع الزعماء المحليين، و أنه من أجل هذا، حاربت الرزيقات، و من أجل ذلك فتحت
دارفور، و لم تكن لدي أية مشاكل أو منازعات أخرى مع العرب، و لم أرد شيئاً
من سلاطين دارفور سوى أن يقلعوا عن قيامهم باصطياد البشر عبر الطرق، و أن
يسمحوا للقوافل لأن تمر بسلام. و قد جاء إيقاف اقتناص البشر و قمعه حادثاً
عرضياً تالياً و ناتجاً عن فتح الطرق، و لكنه كان في حد ذاته، أمراً
ضرورياً لا مندوحة عنه".
و لم يعالج الزبير الموضوع على أسس عاطفية أو أخلاقية، و لكن كأمر جبري
فرضته السياسة قسراً فقد قال: "إن أي رجل دولة يعلم، بأنه من المستحيل حكم
أي بلد يسمح فيها باقتناص الرقيق. فعليك أن تقمع ذلك أولاً، قبل أن يستقيم
أو يستقر لك أي نظام أو صناعة". و قد تم له في البداية تحقيق ما أحرزه في
إقليمه عن طريق التعاون الودي و مصادقة الزعماء كما جرت بذلك العادة و لهذا
انتظر طويلاً ليستوثق أولاً من تعزيز موقعه، قبل أن يدعوهم ماندقبا
الكبير. و كان قد طلب من الزعماء أن يحضر كل منهم ترجماناً معه.


و كانت فوائد و مزايا المدنية و إمكانيات الحصول عليها و إدارتها عن طريق
التجارة الخارجية، هي الموضوع الذي شغل الشطر الأول من خطابه الطويل الذي
أعده باعتناء، و لهذا كانت خيوطه واضحة و مبسطة حتى لمثل أولئك المستمعين
البدائيين السذج، لكنها لم تكن بأسلوب غير ألوف كما تصاغ عادة أحاديث
الفصاحة البليغة الأكثر تمدناً، قال لهم: "... عندكم هنا العاج و الريش و
الجلود، و أنتم بحاجة للأقمشة و الخرز و السكاكين و المُدى، ... و في بلاد
الغير لديهم الأقمشة و الخرز و المُدى، و هم بحاجة للسن و الريش و الجلود،
فدعوهم ليجيئوا إليكم جالبين معهم تلك الأشياء التي تحتاجون أنتم إليها، و
ليحملوا معهم ما يريدونه هم، و بهذا يصبح كل الرجال أغنياء". و كانت الحرية
و التحرر من أجل ترويج و تطوير الإنتاج و التبادل هو كل ما يقصده في
الحقيقة و واقع الأمر.

أما الشق الثاني من خطبته، فقد أفرده للإجراءات العملية. فإذا أراد الزعماء
أن يجنوا ثمار ما تحدث لهم عنه، و إذا أهمهم أمر الإبقاء على صداقته و
مناصرتهم له، فعلى كل واحد منهم أن يتعهد بأن يكون مسؤولاً عن حماية و
حراسة الطرق التي تقع داخل منطقته، كما يجب أن لا تكون هناك أية غزوات
منهم، يشنها أحدهم على الآخر من أجل الرقيق، و لا القيام بأية هجمات على
المسافرين دون أي تذرع بأعذار واهية تحط أوزارها على الجار، بل يجب أن يسود
فهم واضح و إدراك كامل، ليقوم كل فرد منهم بالمحافظة على النظام ليسود و
ليعم كل قومه، و أن يصبح هو شخصياً مسؤولاً عن أرواح المسافرين. فإذا ما
قبلت هذه الشروط، فإن الزبير من جانبه، يتعهد بأن يعطي لكل منهم عدداً
معيناً من العساكر ليساعدوه في الحفاظ على السلطة، و أن يستمر في منحهم
الهدايا كالتي أعطاها إليهم، و أن يقوم بحمايتهم و الدفاع عنهم في الحرب، و
أن يكون صديقاً لهم في السلم، و قبل الزعماء مقترحاته تلك. و منذ ذلك
الوقت بدأت قناصة الرقيق تسير في طريق الاضمحلال و تم القضاء عليها في كل
البلاد الواقعة تحت سلطانه مباشرة و قد جرت عليه و سببت له صنوف عذاب و
صعاب جمة، كما كانت هنالك تعقيدات و مضاعفات عديدة لم يسمح الزمن بالخوض
فيها. و لكنه، و في غضون أربعة سنوات، كان في إمكانه أن يقول لي بأن
النخاسة قد بطلت في أقاليم بلاده تماماً. و عند فتحه منطقة "حفرة النحاس"
فيما بعد، قام بتطبيق نفس هذه السياسة و بنفس تباشير النجاح على الإقليم
الشمالي الذي كان يعج بقانصي الرقيق، و لكن الأحداث حرمته من أن يشهد إتمام
تطور تلك التنظيمات هنالك و اكتمالها، و هو لم يمس أو حتى يحاول أن يمس
عمليات قناصة الرقيق التي كانت جارية في الجنوب لأبعد من بلاد "يوريهامو" و
لكن، بانتشار قوته و ازديادها، أصبح اسمه يحمل معنى الحماية، و صار مفعوله
نفّاذاً و معمولاً به كذلك، ليصل في أبعاده إلى آفاق المديرية الاستوائية و
كانت اتفاقياته و معاهداته مع الزعماء المحليين تنص دوماً على ضمان سلامة
مرور القوافل، و حتى أولئك الزعماء الذين لم يبرم أي معاهدات معهم، كانوا
يخشون من مغبة التعرض بأي سوء أو أذى إلى أي مسافر يكون محتمياً أو محمياً
باسمه.
أصبحت لفظة الزبير هي الكلمة السحرية و الوسيلة الناجحة و صارت بمثابة كلمة
"افتح يا سمسم" لتلك المناطق المتخلفة الهمجية المتوحشة – كما كانت بمثابة
"امتياز جواز المرور" أو هي مطابقة له تستعملها ككلمة سر للمرور، حتى
القوافل التي لم يرها الزبير أو يسمح بها إطلاقاً، فإذا سئلوا: "من أين
جاؤوا؟" أجاب التجار بقولهم "من الزبير". و قد انتفعت قوافل الرقيق من هذه
الحماية كغيرهم، و بهذا، كما يصر الزبير و يؤكد، أنه إنما عن هذا الطريق،
بنيت و ألصقت و انتشرت و ذاعت تهمة سمعته العريضة عن الرق.

انتهى النقل المختصر من مقال الآنسة فلورا شو مع الزبير باشا، مع العلم أن
هناك الكثير مما ورد في اللقاء، و لكن فضلنا الاكتفاء بما نقلناه.

و بعد ثبات ملكه و استقراره في تلك البقاع من جنوب السودان، وقعت عدة حوادث
منها حربه لعرب الرزيقات عام 1873م، و استولى على بلادهم في شكا جنوبي
سلطنة دارفور، ما جعل سلطان دارفور إبراهيم بن حسين يتهيأ لقتاله، و دارت
معارك كبيرة بين الجانبين، و رغم تفوق السلطان عددياً إلا أنه مني بهزيمة
ساحقة، و قتل السلطان في الحرب سنة 1874م، و دخل الزبير باشا الفاشر عاصمة
السلطنة، و توغل في أرض سلطنة وداي غرب دارفور، و خضع سلطانها علي بن محمد
شريف. و مع هذا فقد كان موالياً للحكومة الخديوية في مصر، حيث عين حاكماً
على شكا و بحر الغزال و منح درجة البكوية بموجب مرسوم صادر من خديوي مصر
إسماعيل في سنة 1873م، و بعد عودته من وداي تم ترفيعه للواء و منحه لقب
باشا و ذلك في عام 1875م، و كان غزوه لوداي آخر غزوات الزبير باشا، و عقب
ذلك حدث خلاف بينه و بين حكمدار السودان إسماعيل باشا أيوب، الذي شكا
الزبير باشا للخديوي، فعزم الزبير على السفر لمقابلة الخديوي و لعرض حقيقة
الحال عليه، و مع أن رجاله و أهله حذروه و حاولوا منعه مخافة إيذائه، فلم
يجد ذلك نفعاً، فلما وصل القاهرة، قابل الخديوي و كان معه الكثير من
الهدايا النفيسة التي قدمها للخديوي، و لقد قوبل مقابلة حسنة و لكنه وقع في
الفخ، حيث تم وضعه في الإقامة الجبرية في قصر العباسية أولاً ثم قصر
الجزيرة، و في العام 1877م اندلعت الحرب بين روسيا القيصرية و الدولة
العثمانية، و لمع نجم الزبير مرة أخرى إذ انتدبه الخديوي إسماعيل لمرافقة
البعثة العسكرية للنجدة تحت لواء حسن باشا، و عهد إليه بقيادة فرقة، فأبلى
بلاءً حسناً، و كوفئ بترقيته إلى رتبة فريق، و في طريقه لمصر قابل السلطان
العثماني عبد الحميد باسطنبول. و في سنة 1879م ثار ابنه سليمان لأسباب
عديدة، فقتل سليمان و هو ابن 24 سنة، و قتل معه عدد من أعمامه، و اقترح
غردون حاكم السودان نفي الزبير باشا بتهمة تحريض ابنه سليمان على شق عصا
الطاعة، رغم أنه لم يثبت ذلك، بل على العكس أن الزبير طلب من ابنه التسليم،
فما كان من السلطات إلا أن قتلته غدراً، و أمر غردون بسجن بعض أهل الزبير و
عشيرته و مصادرة أمواله في السودان، و أصدر حكماً بإعدام الزبير، لكن
الحكومة المصرية لم توافق على ذلك، و لدى عودة غردون للسودان قادماً من
لندن عام 1884م لإخلائه من الأجانب بعد اندلاع الثورة المهدية، طلب مرافقة
الزبير له، و لكن لم تتم الموافقة على ذلك من قبل الحكومة البريطانية، و
كان غردون يرى أن الزبير وحده من يصلح لأن يكون حاكماً عاماً ليخلفه، رغم
موقفه العدائي السابق من الزبير.
و في سنة 1885م، تم نفي الزبير باشا لجبل طارق بعد الاشتباه بعلاقته
بالثورة المهدية. و كان النفي خاتمة حياته السياسية. و مما يروى عنه أنه
كثيراً ما كان يتمثل بهذين البيتين:
سلوا أم عمر و كيف بات أسيرها *** تفك الأسارى دونه و هو موثق
فما هو مقتول و في القتل راحة *** و لا هو ممنون عليه فيطلق
و في سنة 1887م عاد من جبل طارق للقاهرة و قابل الخديوي الذي أكرم مثواه. و
في سنة 1900م رد إليه اللورد كرومر المندوب و القنصل العام البريطاني في
مصر ما سبق أن صودر من أملاكه في عهد غردون و سمح له بالسفر للسودان من
مصر، و رجع في العام 1903م إلى السودان و بقي متنقلاً بين الخرطوم و أم
درمان و الجيلي و السقاين و بنى في كل منها مقراً و داراً و أنشأ مزارع
عديدة، و في سنة 1909م عاد الزبير إلى مصر و أقام في حلوان، ثم كانت عودته
النهائية سنة 1912م و أصيب نهاية العام بالملاريا، و توفي في يناير سنة
1913م، و دفن في مقبرة سميت باسمه في الجيلي، بعد مراسم تشييع رسمية، و
نكست يوم وفاته الأعلام و عطلت الدواوين، و سار جثمانه على عربة مدفع.

و لقد قابله نعوم شقير و ذكر في وصفه:
"و الزبير طويل القامة، قوي البنية، أسمر اللون، عربي الملامح، حسن الطلعة،
خفيف الشاربين و اللحية، حديد الصوت، فصيح اللهجة، ذكي الفؤاد، عالي
الهمة، أبي النفس، كريم الطبع، سهل الحجاب، قوي الإرادة، قريب إلى الخير،
بعيد عن الشر، محب للعلم و أهل العلم و التقوى، غيور على الإسلام و
المسلمين، مع مسالمة الذين على غير دينه، و هو لم يزل في معيشته البيتية من
المأكل و المشرب و الملمس على نحو ما كان عليه في السودان لكنه إذا خرج
لبس الطربوش و لباس الإفرنج. و قد وصفه بعض كتاب الإفرنج بأنه رجل "تجاري
سياسي حربي"، و قال بعضهم: "إنه خُلق ليحكم الناس".
و أظهر صفاته الكرم و النجدة و حب الفخر و السلطة. و قد اشتهر كرمه منذ كان
ملكاً في بحر الغزال فقصده الكثيرون من أهل البيوتات في السودان الذين
أخنى عليهم الدهر فأزال كربتهم و فرج ضيقهم. و قد ذكر في بعض مجالسه
المبالغ الكبيرة التي أنجد بها قومه و هو في بحر الغزال فبلغ مجموعها نحو
20 ألف جنيه، و لم تزل داره إلى الآن مقصداً لمن خانه الدهر من أهل السودان
المصري و الغربي."

انتهى من ذكره نعوم شقير.

و إليك أخي القارئ و أختي القارئة مقولات لرجالات دولة و سياسة معروفين اقتبست من كتاب الزبير باشا:

قال عنه الخديوي إسماعيل: "إنه رجل مؤمن".
و قال عنه كرومر: "إنه رجل ذو عزم و وفاء و مضاء".
و قال عنه غردون: "أنه رجل بحق... و هو أقدر رجل بالسودان. و يفوق بمدى غير محدود الرجال الآخرين الذين تولوا حكم السودان من قبل".
و قال عنه تشرشل: "لقد امتدت شهرة هذا الرجل إلى ما وراء حدود القارة التي
كانت مسرحاً لفتوحاته.. امتدت إلى الأمم البعيدة شمالاً و جنوباً.. و لقد
كان حكمه في الحقيقة لبنة واضحة في بناء التقدم الذي أعقب عهده في
السودان".
و قال عنه "شوونفيرث" عالم النبات الألماني الذي اتصل بالزبير في البلاد و
نزل عليه ضيفاً: "خلق الزبير ليحكم الناس و لو كان في أوروبا لكان له شأن
غير هذا الشأن و لترك في تاريخنا أثراً بعيداً".


 إمارة بحر الغزال 194


صورة للزبير باشا مع أفراد من حاشيته، و غالباً أنها أخذت في منفاه بجبل طارق.


 إمارة بحر الغزال 195

الزبير باشا بزيه الشعبي على أرضه في الجيلي.


 إمارة بحر الغزال 196

الزبير باشا بزيه الرسمي.

(المصدر: مقالات للصحفية فلورا شو مع الزبير باشا ؛ تاريخ السودان لنعوم شقير ؛ فيض الملك الوهاب للدهلوي)
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إمارة بحر الغزال
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مجالس صقور العرب :: مجالس النيل والقرن الافريقى :: مجلس السودان-
انتقل الى: